الأحد، 18 أكتوبر 2015

" رِياحُ الثَّأر "


" رِياحُ الثَّأر "

مُعارَضة لقصيدة دلال البارود " كَفُّ الدَّهر "

الشاعر



مَنَحْتُ الحُبَّ تابوتاً.. رَمَيْتُ به بعَرْضِ اليَمّ
رَجَوتُ بقائَهُ حَيَّاً بقومٍ جَهْلُهمْ قدْ عَمّ
وقد آمَنْتُ مُذْ زَمنٍ بأنَّ الحق لن يُهزَمْ
فأين العهد يا يَمَّاً ؟! وأنتَ بِطُهْرِنا تَعْلمْ
أكان قضاؤنا بُعْداً .. فتُغْرِقُ مَا سَرى بالدَّمْ؟

تُشَتِّتُنا رياحُ الثأرِ في شَتَّى الَميادينِ
كأنَّ العَدْلَ في ثأرٍ يُزِيلُ شِقاقَ خَصْمَينِ!!
فيَرْفعُ مِن تَنَاحُرنا " بَسُوساً " فوق زنْدَينِ
ويَبْعثُ " داحِساً "أخرى مع" الغَبْرا " وسَيفينِ 
ويَضْرِبُ عَرْضَ حائِطِنا بآياتٍ مِن الدِّينِ
فيُوئَدُ طِفلُ قَلْبَيْنا بِجَهلٍ بين شبْرَينِ
ونَجْرَعُ حُزْنَ "يعقوبٍ" وحُزْنَ "الزِّيْرِ" ضِعْفَينِ
ونحن بِفِتْنةٍ عَصَفَتْ نذوقُ مَرارةَ البَينِ

حَلُمْتُ بأنَّنا تُهْنا ، ودربَ وِصالِنا مسدودْ
وعَصْفَ العُرْفِ يَقْذِفُنا.. يُبَعثِرُ حُلْمَنا المَنْشودْ
أنا في ظُلْمَةٍ مُلْقىً، رَمَاني العَصْفُ في أُخْدودْ
وأنتِ على شَفَى جُرُفٍ تهاوى فوْقَهُ جُلْمُودْ  
فَفِقْتُ وصِرْتُ مِن فرَحي بُعيدَ الحُلْمِ كالمولودْ 
لأُبْصِرَ صَرْحَ آمالي .. فإذْ بِأساسِهِ مَهْدودْ 

هُنا المَنْفى .. وآخِرُ شهقةٍ للقلب ، للأنفاسْ
تتابُعُ غُصَّةٍ في الحَلْق، حُزْنٌ يقهرُ الإحساسْ
وذبْحُ الطُّهرِ في مرأى مِن العُذّالِ والأنجاسْ
وقتلُ الطِّفلِ في حُضْنٍ سَقاهُ الحُبَّ مِلء الكاسْ

فدَيْتُكِ.. أين ذاك اللحن يا سَمْفُونَةَ السَّحَرِ!!
بغَيْرِ الهَمْسِ .. غيْرِ البَوْحِ أقضي قسوة العُمُرِ 
وأَذْرِفُ دمْعةَ "المجنون" في "ليلى" بلا قَتَرِ
فليتَ الله يجْمعنُا ويَصْرِفُ وِجْهةَ القَدَرِ

ولن أنسى .. رَنِيمَ الحَرْفِ ، دِفءَ الكَفِّ ، كِحْلَ العينْ
تَرَاشُقُنا بألفاظٍ عن المِيْزاتِ في الجِنْسَينْ
نسيمَ البحر ، عِشقَ الشِّعْر ، هَمْسَ الثَّغْر  
دلالَ الرُّوحْ
شمُوخَ القَدِّ ، زَهْرَ الخَدِّ ، عَذْبَ الرَّدِ 
سِحْرَ البَوْحْ

"نشيدُ الوصل"في دَمِنا يُرَدِّدَهُ لِسانُ الصمتْ
نصوغُ الشوق في جُمَلٍ فهل يا عِشقَنا دَوَّنْتْ؟ 
وقد أدْمَنْتِ صُحْبَتَنا ، ومِثلكِ يا أنا أدْمَنْتْ
فمَن مِنَّا سيَتُرُكها أنا يا مُهجتي أمْ أنت ؟!!! 

بَقِيْنا في ظِلال البُعْدِ نُفْني ذا الجوى شَوْقا
وجَهْلُ القوم يَدْفَعُنا يُريدُ لِحُبِّنا شَنْقا
تُحاصِرُنا تقاليدٌ ويغدو عُرْفُنا طَوْقا
ونَبْقى رُغْمَ جَوْرِ القوم عاشِقةً ومَعشوقا

أَلَيْسَ الحُبُّ حاجَتُنا ، كحاجةِ جِسْمِنا للرُّوحْ ؟!
ورَقْصَةُ طائِرٍ - طَرَباً بَدَتْ - لكنَّهُ مَذْبُوحْ ؟!
وحَاجَةُ عِطْرِ نَيْسانٍ إلى الأزهارِ حِين تَفُوحْ ؟!
ولَهْفَةُ طَالِبٍ بُرْءًا لِجِسْمٍ مُثْخَنٍ بِجُرُوحْ

فهل سَتَطيبُ دُنيانا بلا حُبٍّ ، بلا وجْدانْ ؟!
بِدونِ الحُبِّ لا وَطَنٌ ، ولا عَيْشٌ ، ولا إنْسانْ
بِدونِ الحُبِّ أَعْمِدَةٌ مُسَنَّدةٌ مِن الخُشْبانْ
مَحَبَّتُنا غَدَتْ هِبَةً ، إذا لَمْ تُغْضِبِ الرَّحمٰن ...

سيبقى دائماً قلبي يذوبُ بسِحْرِ عَينيكِ
وتَرْنو العينُ في شغَفٍ إلى رَقَصات رِمْشيكِ
وتلْهثُ روحي الحَرَّى بلا هَوَدٍ لِتَفْديكِ 
ويُهدي الشِّعْرُ مُهْجَتَهُ لِيَحْيا بين كفَّيْكِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق